عين بنتيلي
بعد فشل محاولة الإدارة الاستعمارية الاسبانية في احتواء او عرقلة الإندفاعة العارمة للجماهير الصحراوية نحو الإنضمام الى صفوف الجبهة الشعبية التى برزت إلى العلن في المدن و القرى و المداشير باعتبارها القوة الوحيدة الممثلة لشعب الإقليم، كما سجلت ذالك لجنة تقصى الحقائق الاممية فى تقريرها سنة 1975، بادرت قيادة الجهة برئاسة الشهيد الولى و بعض رفاقه إلى تنظيم لقاء جمع فيه الشيوخ و الاعيان ممن كانوا اعضاء في الجمعية ( تعتبرها الإدارة الاسبانية هيئة لتمرير سياستها باعتبارها تمثل سكان المقاطعة) او غيرهم من شخصيات وطنية.
كما حضرت إلى ما بات يعرف ب “ملتقى عين بنتيلي” ممثلين عن جميع فروع الجبهة علىى طول الساحة الوطنية و من دول الجوار.
الظروف المحيطة بالحدث ميزتها وضوح النوايا التوسعية و الاستعمارية و بروز خيوط المؤامرة التى كانت تهدف الى القضاء على الشعب الصحراوى و اقتسام وطنه، جعلت الجبهة تعجل بالقيام بعمل يهدف إلى توعية و تعبئة كل الوطنيين و عموم الشعب الصحراوى للانخراط فى جبهة وطنية عريضة تحت اسم و غطاء الوحدة الوطنية و يرفع رايتها في وجه الاستعمار الاسبانى و القوى التوسعية بقيادة الجبهة الشعبية.
ملتقى عين بنتيلي حضره كبار القوم الذين كان بعضهم يتحفظ على الجبهة الشعبية و البعض الآخر أراد ألا يفوت الفرصة للإطلاع على أهداف الجبهة و برامجها.
تألقت الجبهة و سطع نجمها فى عين بنتيلي من خلال النظرة الاستراتيجية و الاهداف التى شرحها زعيم الثورة الشهيد الولى و نائبه الشهيد المحفوظ أعلى بيبا و إطارات قيادية اخرى .
كانت هذه هي المرة الاولى التى إستمع فيها مباشرة هذا الحشد النوعى من الأعيان الصحراويين الذى جمعهم مع فروع الجبهة و تنظيماتها لما كانت القوى الاستعمارية و التوسعية تحيكه و تخطط له ضد الوطن و الشعب بالإضافة إلى استعدادات الجبهة و نظرتها و خططها لمواجهة العدوان.
سيذكر التاريخ أن المبادرة بتنظيم ملتقى عين بنتيلي كان قرارا استراتيجيا فاصلا احدث تحولا تاريخيا كان له الفضل فى سحب البساط فيما بعد من تحت اقدام المستعمر و شركائه في مؤامرة مدريد.
لم تقل الجبهة لضيوفها من الشيوخ و الاعيان و الشخصيات فى عين بنتيلى ان الوحدة الوطنية هي وحدة القبائل بل شرحت لهم معنى و محتويات عبارات الشعب و الوحدة و االسيادة و الكرامة باعتبارها اسس التحرر و البناء الوطنى .
بعد عين بنتيلي تعززت الصفوف و تم الصفح عن مخلفات و تبعات السياسات الاستعمارية و تأثيراتها على وحدة الشعب بالرغم من مناورات المستعمر و اعوانه.
خلقت ديناميكية عين بنتيلي مناخا جديدا سمح ببناء الجسور الضرورية لإلتفاف عموم الشعب الصحراوى تحت راية طليعته و رائدة التحرير الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادى الذهب.
و تزامنا مع خيانة إسبانيا لإلتزاماتها تجاه الشعب الصحراوى و أمام المجتمع الدولى، إلتحق الأعيان و الشيوخ بنداء الوطن معلنين فى بيان الگلتة التاريخي عن حل الجمعية و اعلان انضمامهم للجبهة الشعبية بتاريخ 28 نوفمبر 1975.
كان اعلان الگلة قد أسس لقيام المجلس الوطنى الصحراوى بعد إلتحاق اعضاء الجماعة بالمنظمة و انخراط الكثيرين منهم فى الإدارة الوطنية كمسيرين للدوائر و مختلف المؤسسات الحكومية و عززوا كذالك صفوف جيش التحرير الشعبى الصحراوى.
سيسجل التاريخ للاعيان الصحراويين الذين استشهدوا في ميدان المعركة او فى العمل و لم يبدلوا تبديلا إلى أن افنوا حياتهم من أجل الإستقلال متمسكين بالوحدة الوطنية بمعانيها و مفرداتها التى تقدس الشعب و تنبذ القبلية أنهم إصطفوا وراء الاختيار الصحيح.
إلتحاق الاعيان و الشيوخ بالثورة كان إذن على أساس مبادئ جوهرية تقدس الشعب و الوطن و تجرم القبلية و تسعى إلى السيادة و الإستقلال و بناء الدولة الوطنية العصرية، دولة المؤسسات و سيادة القانون و المساواة بين جميع المواطنين. دولة كل الصحراويات و الصحراويين.
ستبقى الوحدة الوطنية ذالك الدرع الواقى من تشرذم الشعب و الحصن المتين ة فى وجه كل المؤامرات و الدسائس التى تنتجها و تنتهجها دولة الاحتلال في إطار حربها الاجرامية بهدف تصفية القضية و القضاء على وجود الشعب الصحراوى.
إن ما حققته الدولة الصحراوية اليوم حتى فرضت على العدو المغربى الجلوس إلى جانبها فى المحافل القارية و الدولية يرجع إلى تمسك الشعب الصحراوى بالوحدة الوطنية و مواجهته لكل أشكال التفرقة و مؤامرات المخابرات المغربية.
سيخلد الشعب الصحراوى دائما عيد الوحدة الوطنية باعتبارها خيارا مصيريا له إرتباط وثيق بوجود الشعب الصحراوى و بقائه. و من هذه الزاوية يكون ملتقى عين بنتيلي قد سجل باحرف من ذهب في سجل حرب التحرير المظفرة.