رسالة الأخ إبراهيم غالي إلى المرأة الصحراوية ومن خلالها إلى الشعب الصحراوي قاطبة بمناسبة الذكرى المزدوجة ؛ سقوط أول شهيد للثورة الصحراوية واليوم العالمي للمرأة 08 مارس 2020.
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها المرأة الصحراوية المناضلة :
بحلول العيد العالمي للمرأة، لا يمكن إلا أن أتوجه إلى النساء الصحراويات، أينما تواجدن، باسم حكومة الجمهورية الصحراوية وقيادة الجبهة الشعبية وكافة أفراد الشعب الصحراوي ، بأصدق التحيات وأخلص الأمنيات.
وإذا كان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يعكس إرادة متجذرة في تكريس حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، فإن المرأة الصحراوية قد جسدت بحق جوهر هذه المعركة المصيرية للإنسانية جمعاء.
المرأة الصحراوية هي واحد من أروع الأمثلة في العالم على روح الكفاح المستميت من أجل قيم الحرية والكرامة والعدالة والسلام، ولكنها صنعت تجربة فريدة في تاريخ المرأة العالمية، كونها تبوأت مكانة متقدمة في معركة يخوضها شعب بأكمله من أجل التخلص من براثن الاستعمار وسياساته المقيتة.
ومن هنا، لم يكن غريباً أن تنخرط النساء الصحراويات، زرافات ووحداناً، من كل حدب وصوب، بكل حماسة واندفاع وإخلاص، في صفوف الجبهة الشعبية، لتخوض المرأة الصحراوية، جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، غمار حرب وطنية جمعت باقتدار بين مهمة التحرير والبناء.
وحضرت المرأة الصحراوية بقوة وقدمت بسخاء كل ما تقتضيه تلك المهمة من تضحيات جسام ومعاناة وصبر وأناة ، وتواجدت في مقدمة الصفوف في المظاهرات العارمة ضد الاجتياح والغزو المغربي لبلادنا، كما كان شأنها في رفض الوجود الاستعماري، بمشاركتها في انتفاضة الزملة التاريخية التي يخلد الشعب الصحراوي هذه السنة ذكراها الخمسين. وعندما اندلع الكفاح المسلح، كانت المرأة الصحراوية خير سند للمقاتل الصحراوي، رفيقة درب وأماً وأختاً للشهداء ، بل قدمت النساء الصحراويات مئات الشهيدات فداء لهذا الوطن العزيز.
أيتها المرأة الصحراوية المناضلة :
إننا ونحن نخلد هذا اليوم لنعبر عن كامل التقدير والعرفان لذلك الدور الريادي للمرأة الصحراوية في مسار بناء الإنسان والمجتمع ومؤسسات الدولة. لا يمكن تصور الإنجازات والمكاسب الكثيرة والمتنوعة التي حققها شعبنا البطل إلا بوجود المرأة كعامل حاسم ، ليس فقط بمساهمتها الوجودية في إنجاب وتربية الأجيال الصحراوية الصاعدة ، ولكن بفعلها الميداني في تسيير الشأن الوطني، وبشكل خاص في تلك القطاعات الأكثر حيوية، مثل التعليم والصحة والإدارة وغيرها.
والدولة الصحراوية تفخر اليوم بوجود المرأة الصحراوية في جميع هيئاتها ومؤسساتها، ليس فقط في ما يتعلق بالمواقع التنفيذية، ولكن أيضاَ على مستوى القيادة السياسية والسلطة التشريعية. فالجبهة الشعبية ملتزمة كل الالتزام بتمتيع المرأة الصحراوية بمكانتها المستحقة ودورها الطبيعي والضروري، وهو ما تجسد في قرارات المؤتمر الخامس عشر للجبهة، ونحن عازمون على تدعيم تلك المكانة وتعزيز ذلك الدور، حاضراً ومستقبلاً.
ولا يمكن إلا أن نسجل بتقدير وتبجيل وتضامن ومؤازرة ما تقوم به المرأة الصحراوية في خضم انتفاضة الاستقلال المباركة. لقد برهنت المرأة الصحراوية في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وفي المواقع الجامعية على قدرتها اللامحدودة على رفع التحدي في وجه غطرسة وعنجهية دولة الاحتلال المغربي. ورغم كل أساليب القمع والتنكيل والتهديد والمعاملة الحاطة من الكرامة البشرية ورغم الحصار والتضييق، ظلت المرأة الصحراوية، بشجاعة منقطعة النظير، تتقدم صفوف المقاومة السلمية، وتسجل صفحات ناصعة من البطولة والتضحية في سبيل عزة وكرامة شعبها وحرية واستقلال وطنها.
وفي مناسبة كهذه، نتوقف للمطالبة بإطلاق سراح المناضلة محفوظة بمبة لفقير، وكل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، على غرار مجموعة أقديم إزيك، مجددين لهم تضامن ومؤازرة الشعب الصحراوي، في كل مواقع تواجده، الذي يرى فيهم نجوماً متلألئة في سماء معركة التحرير، ومثالاً يحتذى للأجيال المتعاقبة.
أيتها المرأة الصحراوية المناضلة :
تنتظرنا الكثير من التحديات والجهود المتواصلة، على كافة الصعد والجبهات ، والتصدي لمؤامرات العدو ودسائسه. فالشعب الصحراوي مطالب بتحصين وتعزيز وتثمين مكاسبه، والمضي في البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية، وتكريس مكانتها الجهوية والقارية والدولية، في كنف الوحدة والإجماع تحت قيادة رائدة كفاحنا الوطني، الممثل الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
إن هذا اليوم الخالد يحمل في ثناياه أيضاً ذكرى خالدة في كفاح الشعب الصحراوي المعاصر، كيف لا ونحن نتحدث عن سقوط أول شهيد للثورة الصحراوية، البشير لحلاوي، الذي قضى في معركة حاسي معطلا ضد القوات الاستعمارية الإسبانية.
ونحن نخلد معاً هذه الذكرى التي تجمع معاني ودلالات الشهادة والتضحية والكفاح من أجل قيم نبيلة ومثل سامية، نتوقف جميعاً وقفة إجلال وتقدير واحترام على أرواح كل شهيدات وشهداء القضية الوطنية الذين خضبوا تراب الوطن بدمائهم الزكية الطاهرة، ولنجدد لهم عهد المضي على درب الكفاح والنضال حتى استكمال تلك المسيرة التي دشنوها، والتي لا نهاية لها إلا بتمتع شعبنا بكامل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال.
رحم الله معشر الشهداء وجزاهم عنا خير الجزاء، وتحية نضالية إلى المرأة الصحراوية.
كفاح، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية
/ المصدر:وكالة الأنباء الصحراوية