جعجعة الطواحين وحصاد الوهم بقلم: محمد لغظف عوة .
كثيرا ما يسوء الطالع وتزل أقدام بعضهم إلى الهاوية؛ أولئك الذين يمتطون أحصنة الخيال لمحاربة التنانين ومطاردة جيوش متخيلة.
محاربة طواحين الهواء صورة تلخص تفريخ عشرات الأصوات والفلول الكرتونية التي تبرز بين الفينة والأخرى لتشتيت الانتباه وتخفيف الضرب على مالك الكلب.
شخصيا لم اتفأجأ بما تناقلته وسائل إعلام غربية ومغربية في وقت متزامن بخصوص من سموا أنفسهم “صحراويون من أجل السلام”، لأن القناعة التي زكتها تجربتنا التحريرية خلال مسارها الطويل ومنذ الاعلان عن ما عرف آنذاك بحزب “البونس”؛ فإن معركتنا مع الآخرين تجاوزت تقرير المصير والاستقلال اللذان تبنتهما جبهة البوليساريو كعقيدة وميثاق شرف وعقد سياسي وأخلاقي مع كل الصحراويين إلى منازعتها صفة التمثيل وحقيقة المخاطب الوحيد والأوحد، وبالتالي الوصول لفك الارتباط وفرط مكونات العقد.
ولأنه تعزز لدينا من كنه واقعنا النضالي أنه لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار.
لتبقى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، أو لا خيار آخر أمثل لنا في معركتنا التحريرية من أجل لوجود؛ فكل الارهاصات الماضية التي حاولت مناكفة البوليساريو ومزاحمتها التمثيل، إما أنها كانت من البداية صناعة خالصة لمكاتب المخابرات أو انتهى بها الأمر إلى سجلاتها كأسمى فشل في خضم المحاولات؛ لأن الحقيقة الصحراوية لا تتجسد إلا طليعته السياسية وروح الشعب بما حققته من مكاسب أضحت عصية على التجاوز؛ ماعدا ذلك لا يعدو كونه محاولات العبث بعناصر الوحدة وأسباب الصمود، ليس إلا؛ وهي التي تحتاج منا للصيانة الدائمة وتقويم اعوجاجها من داخل الأطر والهياكل الناظمة للفعل وزيادة قيم مضافة أفقيا وعموديا وفق إحداثيات البوصلة المستقرة صوب تحرير الأرض والحفاظ على كرامة المناضل.
سبيقى مسرح نضالاتنا يعج بالإبداعات الخلاقة، وهو ما يجعلنا نتوقع بكل التأكيد الدفع بالحمقى الذين يظنون أنفسهم يقومون بمهام مقدسة في استنساخ لشخصيات ميغل دي سربانتس.
زعماء حرب الطواحين في مشاهد دونكيشوتية تبعث على الشفقة ضمن سيرورة الأحداث المجنونة لسيناريوهات المنصوري وكتاب مستنداته؛ قبل أن يحالوا إلى أرقام هزيلة وكيانات بوزن البعوضة في ميزان الصراع.
N°(04)