الخيمة والزوبعة
جلس أمام خيمته يسبح لربه ويستغفره في أصابعه، واضعا نصب عينيه حجرة المصلى (لمسيد) الوسطى، حيث هي رقاص الساعة ومنبه دخول وقت الصلاة بالنسبة له؛ فعندما يصل ظلها حدود العود المنصوب سيكون قد حان وقت الصلاة.
كان سعيد الصغير العائد من جولة استطلاع لتخموم المرعى (روس لسراح) يتأهب للإلتحاق بأبيه للصلاة وإطلاعه على واجبات يومه، ويتلقى منه برنامج اليوم الموالي، ويرتل عليه ما حفظه من لوحه قبل محوه وكتابة السورة الجديدة.
إكفهر الجو وانقلب الطقس وهبت بوادر ريح…
تعالت صيحات الأم وهي تأمر بناتها لأخذ أقصى درجات الحيطة لإحكام سياج الخيمة (لكفى) وشد الحبال (لخوالف) حتى تمر الزوبعة القادمة من الشمال.
انطلق الأب كالسهم متبوعا بسعيد داخل الخيمة وأمسكا بالركيزتين وشدا العصام بإحكام…
أخذت مجاميع خيمتهم في الانتقاص وكأنها تؤازرهم مقاومة للخروج من معركة البقاء رافضة السقوط،، استحضر سعيد بحة جدته وهي تحاكيه: “يا بُني التلية أمحالية، والريح ما يصلح لها يكون كريد لخوالف والحفاظ على العصام وتثبيت الركائز الريح لا تجليك،؟سكن بلدك خليها توخظ…”.
بينما هو شارد يتذكر نصائح جدته، استفاق على صوت والدته في الخارج قائلة “قد مرت العاصفة تستطيعان الخروج الآن”.
عم شعور عارم بالانتصار والكل ينظر إلى الخيمة منتصبة بشموخ وتحد، والمكان تملأه السكينة والهدوء بعد الزوبعة (الزعفيكة).
نظر سعيد في الأفق فرأى طلائع القطيع العائد من مرعاه وكأنه متداع بالحمية لأهل الخيمة بعد صخب العاصفة الغادرة.. في هذه الأثناء نادى الأب للصلاة، قد حان الوقت.
N°(04)