من ينتظر المجتمع الدولي أن يٌنصفه فهو لا يعيش في القرن الواحد و العشرين.
إن قوة المصلحة الإقتصادية سفهت قوة القانون و حشرته في رفوف المُشرِّعين، فمنذ انتشار العولمة وسيادة الليبرالية المتوحشة، أصبح العالم في قبضة أصحاب الرساميل من شركات كبرى و ابناك عالمية، مُشكلين بذلك حكومة دولية شرسة همها الأول السيطرة و لو بالسلاح على مصادرالثروة،جاعلة من المجتمع الدولي ممثلا في منظماته الدولية و القارية و الجهوية جسم أجوف بئيس لا يستطيع حتى فرض الإنصات اليه و بالأحرى فرض قراراته.
إن المرء و هو يرى التدخلات المسلحة تحت مبررات واهية ضمن تحالفات دولية أو بالوكالة في أكثر من دولة مستقلة دون أن يحرك أحد ساكنا اللهم بعض التصريحات و البيانات المحتشمة التي تصدر من هنا و هناك، يحق له أن يتسأل: هل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا زال صالحا في الوقت الراهن؟ هل الإكتفاء بتأمين الحدود فقط ،سيضمن الحفاظ على المصالح ماوراء تلك الحدود؟ و التواجد في المحيط والتأثير عليه و التفاعل معه ووضعه تحت المجهرو الرقابة المستمرة أليس ذلك من الأمن القومي؟ الم يقل العسكريون أن أفضل دفاع هو الهجوم.
أعتقد أن قواعد اللعبة قد تغيرت تماما وعادت بناالى سالف الزمن:( من لم يذذ عن حوضه بسلاحه يهدم… . و من لا يظلم الناس يظلم) و حتى لانذهب بعيدا فالشعب الصحراوي على طول ثمانية و عشرين عاما أي منذ وقف إطلاق النارسنة 1991 و هو ينتظر أن ينصفه المجتمع الدولي دون جدوى، واضعاً ثقة عمياء في الأمم المتحدة التي تجاوزتها مصالح الدول الكبرى المتناحرة على مصادر الطاقة و منابيع الثروة والتي لا تحترم إلا من يضمن مصالحها أو من هو قادر على تهديد تلك المصالح أما الإستكانة و المهادنة و الإنتظار في محيط متغير تتجاذبه المصالح، يعني النسيان و التجاهل ثم الإندثار و التحلل.
فلا يعقل أن يبقى الصحراويون يتفرجون على التطورات الخطيرة و المتسارعة في ليبيا و المؤامرات التي تحاك خلفهم في الساحل الأفريقي بل ما ينفذ من خطط دنيئة داخل و طننا المحتل و كأن كل ذلك لايعنينا في شيء !!
إن الأحداث تتسارع ودولة الإحتلال في هجوم متصاعد على مكاسبنا و تحاول الإلتفاف على قضيتنا الوطنية و أحسن رد على التصعيد المغربي هو التصعيد من الجانب الصحراوي، ففتح سفارة غامبيا و قبلها جزر القمر في منطقة مازالت لم يحدد مستقبلها بلا شك يعد خرقا للقانون الدولي ، ثم إجتياز “رالي أفريقيا البيئي” ومروره عبر ثغرة الكَركَرات انتهاك لسيادة الدولة الصحراوية ، فلا يكفي الرد على الحدثين برسالة تنديد، ستجد بلا شك طريقها الى سلة المهملات الأممية كسابقاتها، بل بالنقل الفعلي لوزارة الدفاع الوطني و كل توابعها و وضعها داخل المناطق المحررة و ارغام الأجانب المتسابقين على ختم جوازات سفرهم من طرف السلطات الصحراوية في عين المكان قبالة الكَركَرات و الا يعودون من حيث أتوا ، وهذا أضعف الإيمان. تلك اشارات سيفهما أصحاب المصالح في المنطقة و يقطعون الشك باليقين بأن قرار المؤتمر الشعبي العام الخامس عشر بمراجعة التعامل مع الأمم المتحدة قد بدأ بالفعل على أرض الواقع وأن من كانت له أوراق ينتظر أن يلعبها مستقبلا في المنطقة، ربما تنسفها رياح الصحراء العاتية إذا لم تُحترم إرادة الشعب الصحراوي في تقرير المصير و الإستقلال.
هذا هو المنطق الذي يفهمه العالم اليوم يلزم ” تَحْمَارْ العَيْن” ، و لا شك أن الصحراويين بحكم التجربة سيصطفون وراء أي موقف جريئ و شجاع تتخذه قيادة جبهة البوليساريو بعد نجاح مؤتمر الشهيد البوخاري أحمد و الذي ينتظرالشعب الصحراوي تجسيد قراراته على أرض الواقع.
بقلم : محمد فاضل محمد سالم